من هو عبد الباسط الساروت؟

من هو عبد الباسط ممدوح الساروت هوَ الحارس السابق لنادي الكرامَة ومنتخب سوريا للشباب، كما يُعتبر أحد أبرز قادة المظاهرات التي قامت في مدينة حمص للمطالبة بإسقاط نظام بشار الأسد أثناء الثورة السورية. أُصيب في الاشتباكات معَ قوات النظام السوري في شمال غرب سُوريا ومات بعدها بيومين في 8 حزيران/يونيو 2019.
تاريخ ومكان الميلاد: 2 يناير 1992، سوريا
تاريخ ومكان الوفاة: 8 يونيو 2019، تركيا
مكان الدفن: إدلب (سوريا)
سبب الوفاة: مُتأثرًا بإصابتهِ في المعارك في ريف حماة
كان الساروت يبلغ من العمر 19 عاما، حين اندلعت الانتفاضة السلمية ضد نظام الأسد عام 2011. وبشعره الطويل وصوته العذب الذي غنى في مدح الثورة، سرعان ما أصبح الساروت رمزا لتلك المرحلة السلمية الأولى من الانتفاضة. ووقف الساروت جنبا إلى جنب مع أيقونة أخرى للانتفاضة، وهي الممثلة الراحلة فدوى سليمان، التي كانت صوتا متمردا ضمن الأقلية العلوية، التي ينتمي إليها الرئيس الأسد. لكن الساروت حمل السلاح حين وجهت الحكومة قوتها النارية المدمرة الكاملة ضد حمص. كان الساروت بطل الفيلم الوثائقي “العودة إلى حمص” الذي جسد تحوله من رياضي موهوب إلى مقاتل متمرد. ومن وجهة نظر مؤيدي نظام الأسد، فإن الساروت مجرد إرهابي آخر ودليل على ادعاء الحكومة بأنها كانت تقاتل طوال الوقت تمردا جهاديا مسلحا. وكانت شائعات قد ترددت بأن الساروت تعهد بالولاء لتنظيم الدولة الإسلامية. لكنه أنكر ذلك. غير أنه اعترف بأنه فكر في الأمر، عندما بدا التنظيم القوة الوحيدة القادرة على محاربة نظام الأسد، وهو الأمر الذي يدلل على كيفية تفكك قضية المعارضة السورية. ومن المفارقة أن الساروت مات وهو يقاتل دفاعا عن آخر معقل للمعارضة في سوريا، وهي محافظة حماة التي تهيمن عليها جماعة جهادية، ألقت القبض عليه في عام 2017 للاحتجاج على حكمها للمنطقة.

لم يكن لدى أحدنا ذرة شك بأن مستقبلا رائعا جدا ينتظر هذا الشاب، بطوله الفارع، وعضلاته المفتولة، ووسامته الممزوجة بكاريزما عالية، وقوته ومهاراته الكبيرة والمبكرة جدا في لعبة كرة القدم.
استطاع عبد الباسط الساروت قبل أن يبلغ الثامنة عشر أن يثبت نفسه كحارس مرمى لإحدى أقوى الفرق الرياضية في مدينة حمص وسوريا (فريق الكرامة) الفائز ببطولات دوري كرة القدم في سوريا لمرات عديدة، وكان أيضا حارسا لمنتخب شباب سوريا، وحاز على ألقاب دولية أثناء تمثيله لبلاده.
فلم يكن يساورنا الشك في أن هذا الشاب الحمصي الجميل سيكون نجما كرويا تستقطبه الأندية العالمية في وقت قريب جدا ويلمع نجمه كما كان لامعا أصلا في سوريا قبل ان تقوم الثورة.
الساروت الثائر
من هو عبد الباسط الساروت هو الشاب الذي ولد في مدينة حمص عام 1992، في حي البياضة، ولمع نجمع كلاعب لكرة القدم، فكان محبوبا وله شعبية كبيرة.
انضم للثورة في أيامها الأولى، وكان يقود المظاهرات في أحياء حمص بصوته الجميل وأغنياته التي حفظها الكبار والصغار.
أسس كتيبة (شهداء البياضة) عندما اضطر لحمل السلاح لتدافع عن المدنيين، وقد استشهد فعلا كل أفراد الكتيبة عندما حاولوا فك الحصار عن احياء حمص المحاصرة، وتمكن النظام من محاصرتهم عام 2014، وكان من ضمن أفرادها إثنين من إخوانه. أصيب عدة مرات خلال المعارك وكان يعود لصفوف الثوار قويا ثابتا في كل مرة. تعرض لعدة محاولات اغتيال من قبل عناصر النظام وكان ينجو بأعجوبة في كل مرة لكنه لم يهرب ولم يستسلم. رصد النظام جائزة قدرها 2 مليون ليرة سورية لمن يأتي به حيا أو ميتا.
هاجر إلى الريف في حمص عندما احتل النظام المدينة عام 2014
وهاجر إلى إدلب عندما تم تهجير سكان ريف حمص منها.
جاء إلى تركيا وشارك في احتفالات 15 تموز وعمل حينها في أحد المعامل ليؤمن قوت يومه ولم يكن يقبل المساعدة من أحد.
لم يستطع البقاء بعيد عن سوريا وعاد إليها وانضم إلى صفوف جيش العزة وأصبح قائدا عسكريا فيه لكتيبة (حمص العدية).
أصيب على تراب بلادنا مدافعا عنها في معارك تحرير ريف حماه ونقل إثر إصابته البليغة إلى تركيا واستشهد متأثرا بجراحه في مدينة الريحانية.
انضمامه لصفوف الثوار
عندما اعتقل النظام السوري أطفالا صغارا في محافظة درعا، وقام بتعذيبهم تعذيبا شديدا واقتلاع أظافرهم لأنهم كتبوا على جدران مدرستهم عبارات ضد النظام، بدأت ثورة الشعب الثوري في درعا وفي حمص أولا.
وكان انضمام الساروت لصفوف الثوار في أول أيام الثورة، فكان بنجوميته الجميلة وحماسه الكبير، وبحة صوته الحزينة الآسرة، دعما كبيرا للمتظاهرين، وهنا برزت لديه موهبة أخرى رائعة وهي كتابة الأغاني الشعبية وتلحينها وغنائها بصوته الساحر، والتي انتشرت انتشارا كبيرا.

سبب وجود الساروت بين الثوار وقيادته للمظاهرات وجعا لدى النظام وكان ينتقل بين أحياء مدينة حمص ليشعل المظاهرات فيها جميعا، فرصد النظام مبلغ 2مليون ليرة سورية لمن يسلمه حيا أو ميتا، وكان في حماية الله وحده.
حمل السلاح؟
يعرف العالم أجمع أن الشعب السوري خرج بثورته بشكل سلمي، وأن البداية كانت في المظاهرات الأسبوعية ثم محاولات الاعتصام ثم المظاهرات اليومية.
لكن النظام السوري واجه المتظاهرين بالقتل والاعتقالات والتعذيب، ولم يجد الشعب السوري وسيلة لحماية نفسه وأطفاله وممتلكاته سوى حمل السلاح، وهنا كان الاضطرار وقام الساروت بتشكيل كتيبة (شهداء البياضة)، وكانت الكتيبة مؤلفة من إخوته وأصدقائه.
الانتماء؟
لم يكن الساروت منتميا إيديولوجيا إلى أي حزب أو جماعة عقائدية، فقد غنى أكثر من مرة لسيدة مسيحية اسمها (أم جوزيف) كانت تعد الطعام للثوار، ووقف أكثر من مرة مع ثائرة من الطائفة العلوية (فدوى سليمان) جنبا إلى جنب يقودان المظاهرات معا ويهتفان لسوريا بصوت واحد.
حتى انتماء الساروت لمدينة حمص لم يجعله حمصيا أبدا، فقد غنى لحماة ودرعا والشام وحلب وكل المدن السورية ، وقاتل في المدينة، وقاتل في الريف، ومات على تراب أرياف حماة.
حتى حبه العظيم لسوريا لم يجعله سوريا أبدا، فقد كانت أخر أغنياته عن الجزائر والسودان ومصر وسوريا معهم.
لكن النظام ومن أرادوا كسر ثورتنا وجهوا له اتهاما بمبايعة داعش وقد اثبتت المحاكم الثورية براءته، لكن من أراد تشويه الثورة السورية لن يتوقف عن تشويه رموزها.
الشهرة
كان عبد الباسط الساروت نجما مشهورا قبل الثورة كلاعب كرة قدم، وحصد شهرة كبيرة خلال الثورة لم يهتم لها.
لم يكن يملك حسابات على مواقع التواصل، ولم يكن يعنيه إلا أوجاع شعبه، لكن صدقه وعطاءه وحب السوريين له جعلا صوره وأغنياته وكلماته تملأ وتجتاح مواقع التواصل لأيام مما جعل الفيس بوك يقوم بحذف الصفحات والمنشورات التي تتحدث عنه في الأيام الأخيرة.
وتخيلوا ان صفحات كثيرة على مواقع التواصل تم إنشاءها باسمه بعد موته تخليدا لذكراه وليبقى حيا في قلوب السوريين يعطيهم الأمل والهمة.
المال والحب في حياته
كان يردد دائما قوله: “أن بندقيته وطنية وأنها ليست للإيجار“.
وهذا يعني أنه لم يكن يقبل أي تمويل خارجي للكتائب التي أسسها وعمل فيها (كتيبة شهداء البياضة) وكتيبة (حمص العدية) في جيش العزة.
ومن المعلوم لدينا جميعا أن تمويل هذه الكتائب كان ذاتيا، ولم تكن مرهونة أبدا لدولة أخرى أو لجماعة عقائدية، وهذا كان أحد الأسباب التي دفعت البعض لتشويه صورته لأنه كان حرا جدا، وشامخا جدا، ووطنيا جدا.
وقد كان من السهل ان يمتلك الملايين لو بقي متابعا لأمجاده في لعب الكرة أو لو قبل أن يحصل على التمويل من إحدى الدول الخليجية أو الغربية لكنه رفض ذلك كله وبقي بين أفراد شعبه بسيطا في ملابسه بسيطا في كلامه ومشاعره، لا يفكر إلا في الحرية والكرامة.
أما عن الحب والنساء في حياة الشهيد البطل فقد عرض عليه الكثير من السوريين بناتهم للزواج.
وكان بجماله، والكاريزما العجيبة التي يمتلكها، وشجاعته، يسحر الفتيات، لكنه لم يكن ليهتم أيضا فلم يتزوج، ولم يتأنق، ولم يفكر حتى في تصفيف خصلات شعره الكثيف والفاتن، لقد كان منكرا لنفسه تماما ويحمل فقط هم الوطن، ولم يقدم قلبه إلا لبلاده ولرفع الظلم والدفاع عن المظلومين
من استشهد من عائلته؟
في نهاية 2011 استشهد اخاه الاكبر (وليد الساروت)
وفي بداية 2012 استشهد والده ه (ممدوح الساروت)
وفي نهاية 2013 استشهد أخاه ( محمد الساروت)
وفي بداية 2014 استشهد اخر أخويه (عبد الله الساروت) و(احمد الساروت)
واستشهد 5 من أخواله والكثير من افراد عائلته على يد قوات الأسد
جيفارا سوريا
عندما نتمعن في سيرة الرموز الثورية عالميا مثل جيفارا، وأحمد ياسين، وعمر المختار، وغسان كنفاني، وناجي العلي، ومانديلا، والسلطان عبد الحميد، وغيرهم من الأسماء التي بقيت خالدة وتحولت إلى أيقونة وأسطورة نجد ان هناك عدة أشياء مشتركة بينها بعيدا عن توجهها وديانتها وهي:
- الصدق.
- الثبات حتى النهاية.
- الشجاعة.
- العطاء بلا مقابل.
- نسيان الذات.
- التضحية.
- وأيضا الكاريزما التي تشد الجماهير.
وقد اجتمعت هذه الصفات كلها في جيفارا سوريا، أو بلبل الثورة، أو حارس الثورة كما أطلق الناشطون على عبد الباسط ، وأصبح أيقونة عالمية للثورة السورية عندما نعته أكبر الصحف العالمية على صفحاتها الأولى، ومنها صحيفة نيويورك تايمز، وموقع ميدل إيست، وهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، ولوموند الفرنسية، ولو بارسيان، ويورو نيوز، وغيرها من الصحف.
تأثير استشهاده على الثورة السورية والسوريين
أعلن أحد الناشطين في إدلب أن نحو 100 شاب سوري يقيمون في تركيا يرغبون بالعودة إلى سوريا لمواصلة العمل العسكري والتحرير، وهذا جزء بسيط جدا من الأثر الذي أحدثه استشهاد عبد الباسط على السوريين والثورة السورية.
لقد احيا الساروت الثورة من جديد في قلوب السوريين في الداخل والخارج باستشهاده مقبلا غير مدبر في ساحات المعارك.
وكنت أتحدث إلى أحد الإخوة قبل أيام عن الإحباط واليأس الذي أصابنا فكان استشهاد هذا البطل الأسطورة هو من وحد السورين من جديد وأعاد لثورتنا الحياة.

وقد نعاه الإسلاميين واليساريين والفنانين والعسكريين والناشطين والإعلاميين والكتاب والشباب والفتيات والسيدات الكبيرات ولم يختلف فيه إلا أتباع الأسد والمرضى النفسيين الذين فرحوا بموته أولا، ثم جن جنونهم عندما رآوا تفاعل الناس وحبهم له وانتشار اسمه وصوره في العالم أجمع.
لقد احيا الساروت ثورتنا وقلوبنا وأملنا في أن نكمل المسير ونحرر بلادنا من النظام المجرم الذي جلس على صدورنا 40 سنة يقمعنا ويسرقنا ويحمي حدود إسرائيل.
استشهاد البطل عبد الباسط الساروت؟
استشهد حارس مرمى منتخب سوريا للشباب سابقا، عبد الباسط الساروت، أحد أبرز المقاتلين في الثورة السورية، متأثرا بإصابة تعرض لها قبل يومين.
وأعلن الرائد جميل الصالح، القائد العام لـ”جيش العزة”، مقتل الساروت، الذي التحق مؤخرا بجيشه، عقب سنوات أسس خلالها كتيبة “شهداء البياضة” في حمص، وتنقل بين فصائل عدة.
وقال مسؤول العلاقات السياسية والعسكرية في “جيش العزة”، المقدّم سامر الصالح، في حسابه على تويتر: “نزف لكم نبأ استشهاد القائد العسكري عبد الباسط الساروت مقبلا غير مدبر في ساحات القتال”.
جيش_العزة
يزف لكم نبأ استشهاد القائد العسكري عبد الباسط الساروت
مقبلا غير مدبر في ساحات القتال
اللهم تقبله من الشهداء والحقنا به شهداء
— المقدم سامر الصالح (@VXiVaMIBZBxO7qH) June 8, 2019
وقال عبد الباسط الساروت في فيديو قبل استشهاده بأيام، إنه وبرغم انحداره من ريف حمص، إلا أن قتاله في ريف حماة الشمالي الغربي يدفعه للشعور بأنه ابن هذه المنطقة.

أغاني الوطن والثورة
وأطلق الساروت أناشيد تناول فيها ثورتي السودان والجزائر، إضافة إلى سوريا، جاء فيها: “سوريا جانا رمضان بعد رمضان العيد.. تاسع سنة يا غالية وبعده المرار يزيد”.
وتابع: “جتنا الجزائر ثائرة.. بيها الحرائر سايرة.. خرطوم صاحت حاضرة.. ونقوم إيد بإيد”.
ويلقب عبد الباسط الساروت بـ”حارس الثورة ومنشدها”، بعد إطلاقه العديد من الأغاني، أبرزها “لأجل عيونك يا حمص، ويا يما زفيني جيتك شهيد”.
أهمية الرجل، يظهرها إعلام النظام السوري، نفسه. فقد أفردت غالبية الصحف الرسمية التابعة للنظام، حيزا لخبر مقتل الساروت، بالاسم والصورة، ذلك أن الرجل كان يتمتع بشعبية قل مثيلها في أوساط الثورة السورية، منذ بداياتها عام 2011، عندما كان الراحل، يصدح بأغاني الوطنية والثورة، وإلى جانبه، رفيقة درب الثورة، الفنانة السورية الراحلة، ابنة مدينته حمص، فدوى سليمان، والتي رحلت في فرنسا، عام 2017، بعد إصابتها بمرض السرطان.
كان الساروت، حارس مرمى شباب المنتخب السوري لكرة القدم، إلا أن اندلاع الثورة السورية، عام 2011، فرض عليه، كما قال هو في عشرات التصريحات المتلفزة والمكتوبة، الاستجابة لطموحات أبناء مدينته، بالحرية والعدالة، مثله كمثل مئات الآلاف من السوريين الذين انخرطوا في ثورة سلمية على النظام السوري، قوبلت بالنار والحديد والتنكيل ودموية لم يشهد لها التاريخ العسكري مثيلا، كما تقر بذلك الأمم المتحدة، حتى بلغ عدد الضحايا مئات الآلاف من القتلى، وملايين المهجرين والنازحين في مختلف بقاع الدنيا.
عرف الجمهور السوري، الساروت، من خلال قيادته التظاهرات المناهضة لنظام الأسد، في حمص، والفيديوهات التي يظهر فيها منشداً، تملأ موقع “اليوتيوب” الذي لا يزال يحتفظ للراحل، بمجموعة مميزة، يظهر فيها، منشدا ومطلقا للشعارات من مثل: “حرّية للأبد، غصباً عنك يا أسد”.

وبلغ الساروت حالة واسعة من الاشتهار الإنساني، في أوساط المعارضة السورية وغيرها، عندما سعى إلى تأمين مغادرة زميلته المعارضة الفنانة فدوى سليمان، خارج سوريا، لتلقي العلاج، فيما هو أصر على البقاء رمزا للثورة وأحد أبرز ناشطيها، ثم ليقضي وهو يقوم بما يؤمن به.
في هذه الأثناء، كان النظام السوري يضيق على أهالي حمص، أشد التضييق والحصار وبأعمال القصف والقتل، فغادر الساروت عام 2016، إلى تركيا، ليعود بعد فترة إلى شمال سوريا، في إدلب، ذلك المكان الذي سبق وهجّر نظام الأسد، جزءا كبيرا من معارضي حمص إليه، ومعارضي بقية معاقل الثورة، فعاد الساروت لقيادة التظاهرات في الشمال، وظهر في فيديوهات عديدة، منشدا ومطلقا الشعارات، كلما توقّف طيران النظام ومدفعيته، عن القصف.
كانت إقامة الساروت في شمال سوريا، محفوفة بمخاطر مختلفة، فقد سعت تنظيمات متشددة إلى تصفيته، مثلما صفّت عددا آخر من الإعلاميين والمعارضين السلميين، وكانت آخر محاولة اغتيال للساروت، مطلع هذا العام، في إدلب، عندما رصد الراحل محاولة زرع عبوة ناسفة في سيارته، فقام بمقاومة المجموعة التي اضطرت للانسحاب بعد حصول الاشتباك.
عنف النظام السوري وخياره العسكري لإجهاض الثورة المطالبة بإسقاطه، والذي تسبب بولادة مرحلة رفع السلاح في وجهه، لحماية الأهالي، كان الساروت، الصورة الأبرز لهذا التحول، من إطلاق الشعارات إلى إطلاق النار، فبعد تأسيسه كتيبة شهداء “البياضة” والأخيرة إحدى مناطق حمص التي ارتكب فيها النظام واحدة من مجازره الدموية، انضم الساروت إلى فصائل الجيش السوري الحر، في ما يعرف بجيش العزة، عام 2018.
تحول الساروت من إطلاق الشعار، إلى إطلاق النار، حماية للمدنيين وبيوتهم، لفت أنظار أهل الفن إليه، فقد تحوّل الرجل إلى “تيمة” الثورة السورية، وهو صورة متحركة عن ضحاياها، بعدما فقد أغلب أفراد أسرته قتلا على يد جيش النظام، ووفاة صديقة ثورته الفنانة فدوى سليمان وتهجير معارضي الأسد من حمص وغيرها، إلى الشمال وغيره، فأصبح نجم فيلم “العودة إلى حمص” للمخرج السوري طلال ديركي، عام 2014، حيث ظهر الساروت في الفيلم الذي حاز عدة جوائز عالمية، مظهراً كيف أدى عنف النظام ومجازره، للاتجاه إلى حماية الأهالي، عبر حمل السلاح.
وجاء الجزء الأخير، من رحلة الساروت، مع بدايات عام 2019، وسعي تنظيمات متشددة، وسعي النظام السوري للتخلص منه ومن شعبيته واحترام الناس له، عندما نجا من محاولة اغتيال، ثم اشتبك مع قوات نظام الأسد التي عاودت الهجوم، عبر قصف عنيف بمساندة من الطيران الروسي والميليشيات الإيرانية، لمناطق ريفي إدلب وحماة، الأخيرة التي أقر نظام الأسد، أن الساروت قضى فيها مهاجِماً وعن قرب، لينهي منشد الثورة، وحارسها، كما يسمى كونه حارس كرة قدم، حياته وهو يعبّر عمّا يؤمن به ويعتقده، منذ إطلاق أول شعار، إلى حمل البندقية وإطلاق النار على قاتلي أفراد أسرته وبقية أفراد شعبه.
وتم تشيعه عبر موكب عظيم من إحدى مشافي تركيا لمثواه الأخير في إدلب وقد صلى عليه صلاة الغائب في أماكن عديدة في العالم خارج سوريا. رحل الساروت وبقيت سيرته العطرة على لسان كل سوري حر شريف يتنفس الحرية وبقي مضرب الأمثال في البطولة والتضحية والفداء.
مدونة هادي العبدالله
اقرأ المزيد عن ماهر تاو
3 تعليقات